قراءة لقصيدة المنال من المحال الجزء الثاني
ثم تذوب المشاعر حد الاحتراق:
"يسيل دمع العشق متيم تحرقه نار الصدود"
هذا البيت موجع يا صديقي، هو قصيدة لوحده، فيه البكاء والاحتراق والانكسار في سطر واحد. وأنت تعيد هذا التصعيد في
"تذبح قلوب الطير بأوجاع: المعاند والحسود"
فالوجع الآن لم يعد شخصيًّا، بل عابر للنوع، للطير، ولمن لا ذنب له. وهذا امتداد جمالي للفكرة.
ثم تصل بنا إلى التسامي الشعري:
"والمفردة من فوق هام الجود تصدح بالوجود"
فها هي الكلمة تترفع، تسمو، تحيا وتُحيي. لم تعد أداة، بل كائن فاعل. ومن هنا يكون الشعر.
وأخيرًا تختم بـ
"فكرة جميلة فلسفية للمواقف الحاسمه"
وكأنك تخبرنا: كل هذا النزف لم يكن عبثًا، بل كان تمرينًا على الإدراك، ودرسًا في التأمل، وصناعة للحكمة.
الخلاصة عزيزي الشاعر :
قصيدتك ليست مجرد تعبير عن حزن، بل نصّ يعيد تعريف دور الشاعر، ويفتح أمام المتلقي أبوابًا متعددة للقراءة: وجدانية، رمزية، فلسفية، صوتية.
هي رسالة من وجدانٍ حيّ، فيه صدق التجربة ودهشة التأمل، وهذا كُنه الشعر الحقيقي.
أبيات القصيدة
المنال من المحال
يقول صيّادي صريع الغيد عذبات الخدود
امسيت طول الليل اشخبط بالخدود الناعمه
هارب من الرمضاء إلى النيران ابحث عن برود
اجلد احاسيسي عسى تبدع قوافي حالمه
حتى قوافي الشعر ما جادت وبالغنوة تجود
ولا اسعدت قلب المحب بالحانها المتناغمه
تطرب شغاف الروح بالاسجاع في طبلة وعود
تعيش حياة الأنس وتجتاز الظروف القاتمه 1
توصف اسا وأوجاع وتستشعر وجع ما له حدود
شعاع يتوهّج لديجور القلوب الظالمه
ناحت حمام الأيك وساح الدمع باعيان الورود
ورونق الإشراق توارى خلف ديمة غائمه
كلما دبيب النمل يزعج من توارى في اللحود
ينعق غراب البين يردد ما تقول الهائمه
فمن فضاء الطيف يشرق نور من سعد السعود
صراع في بحر الهوى وامواج المتلاطمه
يسيل دمع العشق متيم تحرقه نار الصدود
من غيمة الاشجان على سفح الوجوة الواجمه
تذبح قلوب الطير بأوجاع : المعاند والحسود
وتطفح الاشواق وتأتي من مشاعر فاهمه
والمفردة من فوق هام الجود تصدح بالوجود
وتسعد العشاق بتنوير السنين القادمه
في وجد حر الصيف تنسنس من حرارتها برود
فكرة جميلة فلسفية للمواقف حاسمه
1) القاتمة" هي كلمة تعني "غامض" أو "مظلم" أو "شديد السواد" أو "غامق". يمكن أن توصف اللون أو الظلام أو الحالة أو حتى المستقبل. على سبيل المثال، يمكن القول "لونه أسود قاتم" أو "مستقبل قاتم".
التعليقات
أضف تعليق